recent
اخر الاخبار

فوق كدية "ولد سلطانة"...من يأتيني بتلك الدراجة السحرية؟

الصفحة الرئيسية

 

قصة حقيقية
دراجة هوائية


كتبها: أحمد الجلالي

كنت طفلا وكانت طاقة الغضروف في ركبتي ان لم تجد كرة تركلها بشدة قذفت باي شي يصادفها في الطريق.لكن فضلا عن الكرة المشتهاة كان العقل الصغير والقلب الخفاق يحلم بدراجة هوائية صغيرة أكبر قليلا من دراجة القصري التي اقتناها له والده بسبعين درهما.

سبعون درهما كانت تعني ثروة كبيرة ضمنها ورقة الخمسين درهما ذات هيبة يزيدها وقارا وجه ملك مهاب.

امضيت سنوات احلم بالدراجة، ونجحت بل تفوقت بمسافات خرافية على اقراني لكن أحدا لم يشتر لي دراجة.

كانت صور الدراجين في الصحف والمجلات القديمة تسحرني وكلما رأيت واحدة قصصتها واخفيتها بين صفحات كتبي.

في ذلك اليوم الربيعي قررت الصعود الى المكان الذي كان يعني لي اعلى ما وجد فوق الأرض "كدية ولد سلطانة" التي تمكنك من رؤية كل القرى المحيطة بحقولها الخضراء المترامية.

صعدت...ويا ليتني ما فعلت.

رأيت على بعد قرابة كيلومتر، بين حقلين كبيرين، أسرة من رجل وامراة وطفلين في مثل سني تماما. ركنوا السيارة التي تبدو أوروبية من شكلها وافترشوا الأرض غير بعيد عن الطريق الثانوية التي شيدها الاحتلال الفرنسي فبقيت صالحة صامدة بشكلها وزفتها.

وانا احملق في هذا المشهد واحاول تحديد اشكال هذه المخلوقات التي بدت لي سعيدة بما تصنع، ادهشني منظر الطفلين وهما يتسابقان على متن دراجتين هوائيتين انيقتين بدت لي امامهما صورة دراجة القصري بقايا خردة في مزبلة.

فكرت ان انزل من برج كديتي والحق بهما لاشاهد عن قرب او ربما مكنني احدهما من ركوب دراجته ولو للحظات، او لمسها فقط ان لم يكن إركابي إياها ممكنا. فكرت ان اذهب...لكني خشيت امرا غامضا من غرباء قد يخطفوني.

تسمرت بمكاني اشاهد الطفلين سعيدين يتسابقان ثم ينزلان فيركضان ويتقافزان مثل سعادين أخرجت للتو من أسر الحديقة وأطلقت حرة في الطبيعة.

بقيت في مكاني مندهشا ومتحسرا على حرماني من امتلاك دراجة..بقيت هناك إلى أن امتطى الغرباء سيارتهم وذهبوا الى حيث لا ادري.

كبرت واستخدمت دراجات كثيرة كان بعضها غاليا وانيقا غير أن شكل تلك الدراجة الزرقاء التي كان يمتطيها طفل بدا لي "نصرانيا" ظلت في الذاكرة بأدق تفاصيلها التي التقطتها عين طفل في غاية القوة.

لم ولن انس لون وشكل ومقعد تلك القطعة الصناعية التحفة. تهدمت "كدية ولد سلطانة" وأصبح الدوار قرية تتطلع لتصبح مدينة وتغير لون الأرض وما عليها...لكن صورة الدراجة حافظت في مخيلتي على لونها البراق ولمعان فراملها وسطوع اطار الألومنيوم خاصتها.

هاتوا لي دراجتي واطلبوا ما شئتم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

google-playkhamsatmostaqltradent